المقدمة

ارتفاع ضغط الدم (HTN) هو زيادة ضغط الدم فوق القيمة الطبيعية 120/80 مم. زئبق. عادةً يزداد انتشار ارتفاع ضغط الدم مع تقدم العمر. هنالك تغيرات مرضية تظهر في الأوعية الدموية والقلب بسبب استمرار ارتفاع ضغط الدم المزمن. إذ عادةً ما يكون ارتفاع ضغط الدم بدون أعراض. ومع ذلك، فإن الضغط المرتفع على المدى الطويل يُعد أحد المخاطر الرئيسية للسكتة الدماغية، وأمراض الشريان التاجي، والرجفان الشرياني، وفشل القلب، وأمراض الشرايين الطرفية، وأمراض الكلى المزمنة، والخرف. مراحل ارتفاع ضغط الدم: الانقباضي الأمثل> 120 مم زئبق والانبساطي> 80 مم زئبق، الطبيعي: الانقباضي 120-129 مم زئبق و / أو الانبساطي 80-84 مم زئبق، مرتفع طبيعي: الانقباضي 130-139 مم زئبق و / أو الانبساطي 85-89 مم زئبق، المرحلة الأولي: الانقباضي 140-159 مم زئبق و / أو الانبساطي 90-99 مم زئبق، المرحلة الثانية: الانقباضي 160-179 مم زئبق و / أو الانبساطي 100-109 مم زئبق، المرحلة الثالثة: الانقباضي 180 مم زئبق و / أو الانبساطي ≥110 مم زئبق، في حين يحدث ارتفاع ضغط الدم الانقباضي المنعزل عندما يكون ضغط الدم الانقباضي ≥ 140 مم زئبق و / أو الانبساطي ≤ 110 مم زئبق. يتم تصنيف ارتفاع ضغط الدم إلى نوعين بُناءً على عوامل مختلفة – ارتفاع ضغط الدم الأساسي وارتفاع ضغط الدم الثانوي. من المعروف أنه لا يوجد عوامل تسبب في ارتفاع ضغط الدم الأساسي (الأولى) إذ يصاب معظم البالغين بهذا النوع. ومع ذلك، تشير الأبحاث إلى أن هناك عوامل خطورة يمكن أن تزيد من ارتفاع ضغط الدم مثل العوامل الوراثية، والعمر، والنظام الغذائي (تناول الكثير من الملح)، ونمط الحياة إذ يشمل ذلك الإدمان المزمن للكحول، والتدخين، وقلة النشاط البدني، والإجهاد. يعاني بعض الأشخاص من ارتفاع ضغط الدم بسبب بعض من العوامل، وهذا ما يسمى بارتفاع ضغط الدم الثانوي. يمكن أن تؤدي العديد من الحالات المرضية والأدوية إلى ارتفاع ضغط الدم الثانوي، بما في ذلك: مضاعفات مرض السكري، وأمراض الكلى، وأمراض الغدة الدرقية، والسمنة، والحمل، وانقطاع التنفس الانسدادي النومي، و ورم القواتم، وتضخم الغدة الكظرية الخلقي. اعتمادًا على الحالة الطبية الأساسية التي تسبب في ارتفاع ضغط الدم الثانوي، يمكن أن تؤدي إلى مضاعفات مختلفة، بما في ذلك فقدان البصر، وفشل القلب، وتلف الكلى، وتمدد الأوعية الدموية، والسكتة الدماغية كما أن هنالك بعض الأدوية المسببة له بما في ذلك: حبوب منع الحمل، والأمفيتامينات، والكوكايين. في حالة عدم القدرة على التحكم في ارتفاع ضغط الدم حتى مع استخدام 3 أنواع أو أكثر من الأدوية الخافضة للضغط، فإن هذا يسمى ارتفاع ضغط الدم المقاوم ويكون لدى هؤلاء الأشخاص فرصة أكبر للإصابة بمضاعفات القلب والأوعية الدموية. معظم الأشخاص الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم لا يصاحبه أي أعراض، ولكن في حالات نادرة من ارتفاع ضغط الدم قد يلاحظ؛ التعرق، والقلق، واضطراب النوم. إذا أصبح ضغط الدم أكثر من 180/120 ملم زئبقي، فإن هذا يسمى أزمة ضغط الدم المرتفع وقد يعاني الشخص من صداع ونزيف في الأنف ويتطلب رعاية طبية عاجلة وفورية لمنع أي تلف دائم في الأعضاء. من الضروري فحص ضغط الدم بانتظام لتجنب أي مضاعفات. ارتفاع ضغط الدم شائع في المرضى المصابين بأمراض الكلى المزمنة، ويقدر نطاق انتشاره بنسبة 60% إلى 90 % وذلك اعتمادًا على المراحل المرضية لأمراض الكلى المزمنة و أسبابها. يرتبط ارتفاع ضغط الدم وأمراض الكلى المزمنة ارتباطًا وثيقًا كحالات فسيولوجية مرضية، ويتمثل ذلك بأن ارتفاع ضغط الدم المستمر يمكن أن يزيد من تدهور الفشل الكلوي، والتدهور التدريجي لوظائف الكلى يمكن أن يؤدي إلى عدم السيطرة على ضغط الدم. الفسيولوجية المرضية لارتفاع ضغط الدم في أمراض الكلى المزمنة عملية معقدة نتيجة عوامل مختلفة، بما في ذلك زيادة احتباس الصوديوم والتوسع خارج الخلية، وكذلك انخفاض كتلة النيفرون، وفرط نشاط الجهاز العصبي الودي، والهرمونات المحفزة بما في ذلك نظام الرينين – أنجيوتنسين – نظام الألدوستيرون والخلل البطاني الوظيفي. بالنسبة لمعظم المرضى الذين يعانون من أمراض الكلى المزمنة وليس لغسيل الكلى، فإن الهدف هو الوصول إلى ضغط دم انقباضي أقل من 120 مم زئبق. الطرق الرئيسية للتحكم فى ارتفاع ضغط الدم لدى مرضى الكلى هي تقليل ملح الطعام والبدء في تناول مثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين أو حاصرات مستقبلات الأنجيوتنسين وكذلك العلاج المدر للبول. يمكن أن يؤدي عدم التحكم في ارتفاع ضغط الدم إلى تقدم سريع في المرحلة النهائية من الفشل الكلوي، ونسبة إنتشار المرض، وكذلك معدل وفيات القلب والأوعية الدموية. ارتفاع ضغط الدم المقاوم في أمراض الكلى المزمنة شائع خاصة في المرحلتين 4 و 5، حيث يتطلب الأمر استخدام عدة عوامل مضادة لارتفاع ضغط الدم للوصول إلي ضغط الدم المثالي.

تغيير نمط الحياة لخفض ضغط الدم في حالات أمراض الكلى المزمنة:

ينصح الأشخاص الذين يعانون من أمراض الكلى المزمنة وجميع الأشخاص بصفة عامة بالحدِ من تناول الصوديوم الغذائي وذلك لأنه يساعد في السيطرة على ضغط الدم على المدى القصير. كما يساعد ذلك على تقليل الأدوية المستخدمة لعلاج ضغط الدم المرتفع. وفقًا لتوجيهات KIDIGO، التي توصي بتقليل تناول الملح إلى أقل من 2 جرام يوميًا (أقل من 90 مللي مول) من الصوديوم وبما يعادل 5 جرام من كلوريد الصوديوم عند البالغين. كما أن الحد من تناول الصوديوم لديه فائدة إضافية تتمثل في تقليل البيلة البروتينية في حالات أمراض الكلى المزمنة. ولكن عادةً ما تكون هذه النصيحة غير مناسبة للمرضى المصابين باعتلال الكلى الناتج عن إهدار الصوديوم. كما يُنصح المرضى الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم وأمراض الكلى المزمنة، بممارسة النشاط البدني وذلك لمدة 150 دقيقة على الأقل في الأسبوع، مع مراعاة اللياقة القلبية التنفسية، والقيود الجسدية، و الوظائف الإدراكية، ومخاطر السقوط أثناء ممارسة النشاط البدني من قبل المرضى. كما أن هنالك تدخلاتٍ أخرى في نمط الحياة وتشمل إنقاص الوزن، والحد من تناول الكحول واعتماد نظام غذائي صحي للقلب ثُبت أنها تقلل من ضغط الدم لدى معظم الأشخاص بصفة عامة وكذلك في حالات أمراض الكلى المزمنة.

أدوية مضادة لضغط الدم في حالات ارتفاع الضغط المصاحب لأمراض الكلي المزمنة:

مثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين وحاصرات مستقبلات الأنجيوتنسين (RASi) هي الخط الأول في علاج المريض المصاب بالبيلة الزلالية أو البيلة البروتينية. قد يساعد إضافة مدرات البول في الجمع بين مثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين وحاصرات مستقبلات الأنجيوتنسين وذلك لتقليل مخاطر الإصابة بفرط بوتاسيوم الدم، كما ينصح المريض المصاب بأمراض الكلى المزمنة الذي يتلقى هذا النظام العلاجي بمراقبة مستوى البوتاسيوم، و كرياتينين المصل، والتغيرات في ضغط الدم خلال 2-4 أسابيع من بدء العلاج أو في حالة زيادة جرعة مثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين وحاصرات مستقبلات الأنجيوتنسين. مع مراعاة تقليل الجرعة / أو التوقف عن تناول الإنزيم المحول للأنجيوتنسين أو حاصرات مستقبلات الأنجيوتنسين إذا كان لديك أي أعراض انخفاض ضغط الدم الغير منضبط، أو فرط بوتاسيوم الدم، أو لتقليل أعراض اليوريميا أثناء العلاج، أو في حالة الفشل الكلوي (معدل الترشيح الكبيبي <15 مل / دقيقة لكل 1.73 م²). تستخدم حاصرات قنوات الكالسيوم بشكل متكرر لعلاج ارتفاع ضغط الدم المقاوم في مرضى غسيل الكلى (مثل الأملوديبين، و النيفيديبين، و الديلتيازيم، و الفيراباميل). كما يُعد احتباس الملح والماء عاملاً رئيسياً يساهم في ارتفاع ضغط الدم في حالات أمراض الكلي المزمنة، ولذلك ينصح باستخدام أدوية مدرة للبول. كما أن من المهم في السيطرة على ضغط الدم المرتفع في هذه الحالة استخدام الثيازيدات والفروسيميد. في حالة المرضى الذين يعانون من أمراض الكلي المزمنة والذين يتم علاج ضغط الدم المرتفع لديهم عن طريق استخدام حاصرات البيتا، يمكن أن يؤدي ذلك إلى بعض الآثار الجانبية مثل عدم انتظام ضربات القلب. حاصرات ألفا هي الأكثر انتشارًا في علاج ارتفاع ضغط الدم والعلاج الداعم لارتفاع ضغط الدم لدى حالات أمراض الكلي المزمنة أو في حالة عدم تحمل الأدوية الأخرى الخافضة للضغط مثل مثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين، وحاصرات مستقبلات الأنجيوتنسين، وحاصرات بيتا، ومدرات البول، وحاصرات قنوات الكالسيوم. قد تكون حاصرات ألفا مفيدة أيضًا إذا كانت هناك أعراض تضخم في البروستاتا.

علاج ارتفاع ضغط الدم لدى مرضى غسيل الكلى:

يعد ضغط الدم والتحكم في حجمه مكونًا مهمًا وحاسمًا في رعاية غسيل الكلى، وله آثار كبيرة على الأعراض الظاهرة على المريض، و المضاعفات التي تصيب القلب والأوعية الدموية، وكذلك نوعية الحياة. يعد قياس ضغط الدم قبل وبعد جلسة غسيل الكلى ذو قيمة غير دقيقة لضغط الدم داخل الجلسة، إذ لا ينبغي استخدامه لتشخيص/ التحكم في ارتفاع ضغط الدم. ومع ذلك، فإن قياس ضغط الدم قبل وبعد جلسة غسيل الكلي وداخل الجلسة له أهمية إكلينيكية لتقييم الحالة الديناميكية الدموية أثناء جلسة غسيل الكلى. أثناء علاج غسيل الكلى، ينخفض ضغط الدم من مرحلة ما قبل الغسيل إلى ما بعد الغسيل، وترتبط قيمة هذا الانخفاض ارتباطًا وثيقًا بإزالة السوائل بعد الترشيح الفائق في نفس الجلسة. ارتفاع ضغط الدم داخل الجلسة هو زيادة ضغط الدم أثناء جلسة غسيل الكلى أو بعدها مباشرة ويقدر مدى انتشار ارتفاع ضغط الدم داخل جلسة الغسيل الكلوي بنسبة 5% إلى 15% في مرضى غسيل الكلى. يحدث ارتفاع ضغط الدم الانقباضي لأكثر من 10 ملم زئبقي قبل وبعد عملية غسيل الكلى وذلك في خلال 4 إلى 6 جلسات غسيل كلوي متتالية ويتطلب ذلك تقييمًا شاملاً لارتفاع ضغط الدم والتحكم في حجمه، بما في ذلك التقييم الدقيق للوزن الجاف. في الممارسة السريرية، يُعرَّف الوزن الجاف بأنه الوزن الطبيعي للجسم بدون أي سوائل زائدة. ينصح معظم مرضى غسيل الكلى بالحدِ من زيادة الوزن إذ يجب أن لا يزيد وزنهم عن 1 كجم في اليوم. وفقًا للدراسات، يبدأ غسيل الكلى في علاج ارتفاع ضغط الدم من خلال مراقبة الحجم الزائد / معدل الترشيح الفائق (UF)، وخياراتِ أخري تشمل زيادة وقت العلاج و / أو تكرار غسيل الكلى، وتقليل زيادة الوزن بين الجلسات (IDWG). ترتبط العلامات والأعراض المختلفة بحجم الدم الزائد أو النضوب مثل الوذمة، وضيق التنفس، وتضخم القلب، واحتقان الرئة، وزيادة الضغط الوريدي الوداجي، والعطش، والتشنجات، والدوار، وزيادة الوزن أو فقدانه. يجب أن ينصح المريض المصاب بارتفاع ضغط الدم عند خضوعه لجلسة غسيل الكلى وتثقيفه وتشجيعه على الإبلاغ عن كافة الأعراض بشكل روتيني وكذلك احترام غسيل الكلى فيما يتعلق بالوقت/ معدل التردد، ومعدل الترشيح الفائق (UF). تشير الدراسات إلى أن استخدام مستوى منخفض من الصوديوم في سائل غسيل الكلى (ملف تعريف الصوديوم مقدمًا في آلة غسيل الكلى) يرتبط بانخفاض الوزن الزائد بين الجلسات (IDWG) وضغط الدم. قد تؤدي جلسة غسيل الكلى المتكررة إلى تحسن كبير والتحكم في ضغط الدم لدى مريض غسيل الكلى. يتطلب التحكم في ضغط الدم وحجمه لدى مرضى غسيل الكلى نهجًا فرديًا وذلك لدمج العلاج السريري و التشخيصي وكذلك عوامل أخرى للمرضى.

الخلاصة:

يأتي ارتفاع ضغط الدم في صورة أشكال مختلفة، وهناك أسباب مختلفة لكل نوع. للحصول على العلاج المناسب لحالتك الصحية، يجب أن تكون على دراية بنوع ارتفاع ضغط الدم الذي تعاني منه. في حالة أمراض الكلى المزمنة، قد يكون ارتفاع ضغط الدم هو أول علامة على وجود خلل وظيفي ويمكن أن يؤدي التحكم الدقيق في ارتفاع ضغط الدم إلى الحد من مضاعفات القلب والأوعية الدموية والكلى. إن العلاج بالأدوية الخافضة لضغط الدم مثل مثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين أو حاصرات مستقبلات ضغط الدم، والحد من استخدام ملح الطعام، وتناول العلاج المناسب من مدرات البول هي التدابير الأساسية لارتفاع ضغط الدم لدى حالات أمراض الكلى المزمنة. في حالة مريض غسيل الكلى، تعد جلسة غسيل الكلى المتكررة، والتحكم في الحجم الزائد من السوائل، ومراقبة معدل الترشيح الفائق (UF)، وضغط الدم (قبل وبعد جلسة غسيل الكلى)، وانخفاض مستوى الصوديوم في الديالة، هي عوامل مهمة للتحكم في ضغط الدم وعلاجه. إن عدم الالتزام بالأدوية الخافضة للضغط أحد الأسباب الرئيسية لضغط الدم الغير منضبط في حالة أمراض الكلى المزمنة.

المصادر:

مرض الكلى: تحسين النتائج العالمية (KDIGO).

منظمة الكلى الدولية.

الإصدار الخامس لغسيل الكلى Jonn T. Peter G. Todd S.

واتساب